حرب غزة والمقاطعة – التداعيات على قطاع المطاعم في الكويت والشرق الاوسط

مقدمة

تعتبر مقاطعة المنتجات نموذج شائع لتسجيل موقف او اعتراض، حيث يختار الأفراد عدم شراء سلع محددة كوسيلة للتعبير عن عدم موافقتهم على ممارسات شركة ما. وفي هذا السياق، أدى الصراع القائم بين قوات الاحتلال الاسرائيلي وحركات المقاومة في فلسطين إلى حملة مقاطعة عالمية ملحوظة، وخاصة في قطاع المطاعم والفاشن. وعند النظر إلى احتجاجات المستهلكين وحملات المقاطعة في الشرق الأوسط، نرى بأن الصراع قد أدى إلى انخفاض في حركة الزبائن في المطاعم الأمريكية وأثر ذلك على المبيعات لتلك المطاعم في الربع الأخير من عام 2023 . حيث لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا حيويا في تعزيز حركة المقاطعة وتعبئة المستهلكين ضد العلامات التجارية المعبرة عن دعمها لقوات الاحتلال الاسرائيلي. وبناءً على ذلك، شهدت هذه العلامات تراجعا كبيرا في عدد الزبائن.

التاثير العالمي

منذ بدء حملات المقاطعة في أكتوبر 2023، لم تكن هناك أدلة واضحة على الأثر المالي للمقاطعة على العلامات التجارية حتى بدأت بالكشف عن النتائج المالية للربع الرابع من عام 2023. حيث صرح الرئيس التنفيذي لشركة ماكدونالدز، كريس كمبنسكي ، أن حملة المقاطعة لعام 2023 كان لها تأثير كبير على أعمالهم، مما أدى إلى عدم تحقيقات اهداف المبيعات، وخاصة في الشرق الأوسط والدول ذات الأغلبية المسلمة مثل ماليزيا وإندونيسيا. كما صرح بأن النمو  في الشرق الأوسط والهند والصين كان محددًا بنسبة 5.5% في الربع الأخير من عام 2023، ولكن تم تحقيق نمو بنسبة 0.7% فقط. من ناحية أخرى، قامت ستاربكس بتعديل توقعات مبيعاتها وخفضت توقعات نمو الإيرادات لعام 2024 نظرًا لضعف الاقبال في أسواق مثل الصين والشرق الأوسط.

وفقًا لما ذكره لاكسمان ناراسيمهان، الرئيس التنفيذي لشركة ستاربكس، خلال الإعلان عن نتائج التقرير المالي السنوي، سجلت الشركة “تأثيرًا كبيرًا على الحركة والمبيعات” في الشرق الأوسط بسبب الصراع. علاوة على ذلك، واجهت شركة Yum! Brands, Inc.، الشركة الأمريكية العالمية المشغلة لعلامات تجارية مثل مثل KFC وPizza Hut وTaco Bell، تحديات أيضًا جراء أزمة المقاطعة.

التاثير الاقليمي

تدير مجموعة أمريكانا غالبية فروع علاماتها التجارية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.  كما أن تواجد العلامات التجارية لشركة امريكانا يتفاوت حسب الدولة والعلامة. على سبيل المثال، على الرغم من أن مجموعة أمريكانا تقوم بتشغيل علامة بيتزا هت في عدة دول في الشرق الأوسط، إلا أن علامة بيتزا هت يتم تشغيلها من قبل مُلّاك مختلفين  في كل من الكويت وقطر وعمان والمغرب ولبنان والعراق. وبشكل مشابه، يتم تشغيل علامة هارديز من قبل مُلّاك  امتيازات مختلفين في كل من المغرب ولبنان، بينما تُدير مجموعة أمريكانا علامة كريسبي كريم حصريًا في ست دول فقط (الامارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، الكويت، مصر، قطر، والبحرين).

هذا وقد كشف تقرير الارباح للناتج المالية السنوية لعام 2023 شركة أمريكانا للمطاعم العالمية (مجموعة أمريكانا) عن مؤشرات تأثير كبيرة للصراع على أدائها.

التاثير على السوق الكويتي

بدأت أحداث الحرب في السابع من أكتوبر، وتبعتها أسبوع واحد من الصدمة في الأسواق وبين المستهلكين حيث لم تتخذ الشركات والعلامات التجارية مواقف بشأن هذه الحرب.

ثم بدأت التقارير عن اتخاذ المواقف تظهر في الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي بعد مرور نحو أسبوع من تلك الأحداث، حيث أبدت الشركات الإسرائيلية المشغلة للعلامات التجارية العالمية في اسرائيل تضامنها ودعمها لقوات الاحتلال الاسرائيلي من خلال تقديم دعوم بشكل مالي او كوجبات طعام ومشروبات ومنتجات أثارت هذه التقارير احتجاجات المستهلكين الضخمة في جميع أنحاء العالم وخاصة في دول الشرق الأوسط. حيث تعرضت العلامات التجارية المتواجدة في هذا الإقليم لانتقادات حادة وتم التشهير بها في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.

بدأت حركة مقاطعة المستهلكين على وسائل التواصل الاجتماعي تكتسب قوة في الأسبوع الثالث من أكتوبر عن طريق المؤثرين الاجتماعيين ومن ثم انضم إليها المستهلكون العاديون.

بدأت العلامات التجارية تشهد تباطؤًا في حركة الزوار في الأسبوع الثالث من أكتوبر، وأصبح من الواضح أن الجمهور العام اتخذ موقفًا قويًا ضد هذه العلامات التجارية.

تحول الجمهور من متابع للاحداث الى ناشط في عملية المقاطعة بحيث انهم كانوا يجهزون وينشرون قوائم مقاطعة العلامات التجارية في مختلف القطاعات، بما في ذلك المطاعم، والأزياء، والأثاث، والأجهزة المنزلية.

تطور نشاط الجمهور الى تطوير برامج وقوائم للمنتجات البديلة والمحلية التي تغني عن المنتجات التي دعمت بشكل مباشر او غير مباشر للجانب الاسرائيلي.

بحلول ديسمبر، كان هناك انخفاض ملحوظ في انتشار هذه القوائم بسبب تعب المستهلكين من استمرار الصراع والاخبار السلبية. كذلك لعبت منصات التواصل الاجتماعي دور في تقليل الاخبار عن الصراع مما ادى الى تقليل الاهتمام اليومي بالقضية.

على الرغم من هذا الانخفاض، فإن المبيعات لم تنمو بشكل سريع ولكن النمو يعتبر بطيء جدا مقارنة بالسرعة في تسجيل الانخفاض.

التاثير على سوق العلامات المحلية في الكويت

على الجانب المقابل، يظل نمو الاداء لقطاع المطاعم المحلية إيجابي بشكل ثابت شهرياً، مع تسجيل أعلى الأرقام في نوفمبر وديسمبر. هذا الاتجاه يشير بوضوح إلى أن العلامات التجارية المحلية تستفيد من المقاطعة ضد العلامات التجارية الأمريكية، وتصبح البديل المفضل للمستهلكين. على سبيل المثال، في سوق مطاعم البرجر السريعة Fast Food، على الرغم من وقوع الحرب في الربع الأخير، إلا أن تفضيل المستهلكين للعلامات التجارية المحلية بسبب الصراع أدى إلى تحقيق سلاسل البرجر المحلية معدل نمو متوسط يبلغ 16.5% في أكتوبر 2023، مقارنة بانخفاض بنسبة 10.7% في المبيعات الإجمالية لسلاسل البرجر السريعة الأمريكية. كما نمت السوق المحلية للمطاعم بنسبة 7.6% في فبراير، نتيجة للاحتفالات القادمة في الكويت وزيادة حركة الزوار من المدارس والجامعات. ومع ذلك، يكاد هذا النمو يكون غير مسجل بالنسبة للعلامات التجارية المحلية بشكل فردي ومحدد بسبب تنوع العلامات وقلة انتشارها من حيث عدد المتاجر لكل علامة تجارية على عكس التواجد المركزي للعلامات التجارية العالمية الرائدة.

التاثير السوقي المستقبلي

من المتوقع أن تستمر العلامات التجارية الأمريكية في الشعور بالتأثير حتى نهاية العام، على الرغم من أن انخفاض المبيعات لكل علامة قد ينخفض بشكل محتمل شهراً بعد شهر بسبب التعب من المقاطعات. ومع ذلك، لا يمكن ضمان استعادة الأداء ما لم يتم البدأ في وقف اطلاق النار ومحادثات السلام. من المتوقع أن تنكمش حصصهم في السوق في المدى القصير، وسيكون من الصعب استعادتها من المنافسين المباشرين. يجب على العلامات التجارية العمل بجد لإعادة بناء صورتهم في السوق، مما سيساعدهم على استعادة حصتهم في السوق. من الواضح اليوم في واقعنا الاقتصادي العالمي المترابط بانه يجب ان تقوم هذه العلامات بفصل “الراي” السياسي والديني والاجتماعي عن الاعمال التجارية. حيث يمكن تدمير جهود بناء العلامة التجارية والاجتماعية التي استغرقت 30 عامًا في وجبة واحدة تُهدى لعدوك السياسي